تفسير بن كثير
قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( وأقم الصلاة طرفي النهار ) قال : يعني الصبح والمغرب وكذا قال الحسن ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم .
وقال الحسن - في رواية - وقتادة ، والضحاك ، وغيرهم : هي الصبح والعصر .
وقال مجاهد : هي الصبح في أول النهار ، والظهر والعصر من آخره . وكذا قال محمد بن كعب القرظي ، والضحاك في رواية عنه .
وقوله : ( وزلفا من الليل ) قال ابن عباس ، ومجاهد ، والحسن ، وغيرهم : يعني صلاة العشاء .
وقال الحسن ، في رواية ابن المبارك ، عن مبارك بن فضالة ، عنه : ( وزلفا من الليل ) يعني المغرب والعشاء قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " هما زلفتا الليل : المغرب والعشاء " . وكذا قال مجاهد ، ومحمد بن كعب ، وقتادة ، والضحاك : إنها صلاة المغرب والعشاء .
وقد يحتمل أن تكون هذه الآية نزلت قبل فرض الصلوات الخمس ليلة الإسراء; فإنه إنما كان يجب من الصلاة صلاتان : صلاة قبل طلوع الشمس ، وصلاة قبل غروبها . وفي أثناء الليل قيام عليه وعلى الأمة ، ثم نسخ في حق الأمة ، وثبت وجوبه عليه ، ثم نسخ عنه أيضا ، في قول ، والله أعلم .
وقوله : ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) يقول : إن فعل الخيرات يكفر الذنوب السالفة ، كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأهل السنن ، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال : كنت إذا سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثا نفعني الله بما شاء أن ينفعني منه ، وإذا حدثني عنه أحد استحلفته ، فإذا حلف لي صدقته ، وحدثني أبو بكر - وصدق أبو بكر - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " ما من مسلم يذنب ذنبا ، فيتوضأ ويصلي ركعتين ، إلا غفر له " .
وفي الصحيحين عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان : أنه توضأ لهم كوضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال : هكذا رأيت رسول الله يتوضأ ، وقال : " من توضأ نحو وضوئي هذا ، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه ، غفر له ما تقدم من ذنبه " .
وروى الإمام أحمد ، وأبو جعفر بن جرير ، من حديث أبي عقيل زهرة بن معبد : أنه سمع الحارث مولى عثمان يقول : جلس عثمان يوما وجلسنا معه ، فجاءه المؤذن فدعا عثمان بماء في إناء أظنه سيكون فيه قدر مد ، فتوضأ ، ثم قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ وضوئي هذا ، ثم قال : " من توضأ وضوئي هذا ، ثم قام فصلى صلاة الظهر ، غفر له ما كان بينه وبين صلاة الصبح ، ثم صلى العصر غفر له ما بينه وبين صلاة الظهر ، ثم صلى المغرب غفر له ما بينه وبين صلاة العصر ، ثم صلى العشاء غفر له ما بينه وبين صلاة المغرب ، ثم لعله يبيت يتمرغ ليلته ، ثم إن قام فتوضأ وصلى الصبح غفر له ما بينها وبين صلاة العشاء ، وهن الحسنات يذهبن السيئات " .
وفي الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " أرأيتم لو أن بباب أحدكم نهرا غمرا يغتسل فيه كل يوم خمس مرات ، هل يبقي من درنه شيئا ؟ " قالوا : لا يا رسول الله : قال : " وكذلك الصلوات الخمس ، يمحو الله بهن الذنوب والخطايا " .
وقال مسلم في صحيحه : حدثنا أبو الطاهر وهارون بن سعيد قالا حدثنا ابن وهب ، عن أبي صخر : أن عمر بن إسحاق مولى زائدة حدثه عن أبيه ، عن أبي هريرة; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول : " الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان ، مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر " .
وقال الإمام أحمد : حدثنا الحكم بن نافع حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، أن أبا رهم السمعي كان يحدث : أن أبا أيوب الأنصاري حدثه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول : " إن كل صلاة تحط ما بين يديها من خطيئة "
وقال أبو جعفر بن جرير : حدثنا محمد بن عوف حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا أبي ، عن ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " جعلت الصلوات كفارات لما بينهن; فإن الله قال : ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) .
وقال البخاري : حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا يزيد بن زريع ، عن سليمان التيمي ، عن أبي عثمان النهدي ، عن ابن مسعود; أن رجلا أصاب من امرأة قبلة ، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره ، فأنزل الله : (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ) فقال الرجل : إلى هذا يا رسول الله ؟ قال : " لجميع أمتي كلهم " .
هكذا رواه في كتاب الصلاة ، وأخرجه في التفسير عن مسدد ، عن يزيد بن زريع ، بنحوه ورواه مسلم ، وأحمد ، وأهل السنن إلا أبا داود ، من طرق عن أبي عثمان النهدي ، واسمه عبد الرحمن بن مل ، به .
وروى الإمام أحمد ، ومسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، وابن جرير - وهذا لفظه - من طرق : عن سماك بن حرب : أنه سمع إبراهيم بن يزيد يحدث عن علقمة والأسود ، عن ابن مسعود قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، إني وجدت امرأة في بستان ، ففعلت بها كل شيء ، غير أني لم أجامعها ، قبلتها ولزمتها ، ولم أفعل غير ذلك ، فافعل بي ما شئت . فلم يقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا ، فذهب الرجل ، فقال عمر : لقد ستر الله عليه ، لو ستر على نفسه . فأتبعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصره ثم قال : " ردوه علي " . فردوه عليه ، فقرأ عليه : ( وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ) فقال معاذ ، وفي رواية عمر : يا رسول الله ، أله وحده ، أم للناس كافة ؟ فقال : " بل للناس كافة " .
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن عبيد ، حدثنا أبان بن إسحاق ، عن الصباح بن محمد ، عن مرة الهمداني ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم ، وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ، ولا يعطي الدين إلا من أحب . فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه ، والذي نفسي بيده ، لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه ، ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه " . قال : قلنا : وما بوائقه يا نبي الله ؟ قال : " غشه وظلمه ، ولا يكسب عبد مالا حراما فينفق منه فيبارك له فيه ، ولا يتصدق فيقبل منه ، ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار ، إن الله لا يمحو السيئ بالسيئ ، ولكنه يمحو السيئ بالحسن ، إن الخبيث لا يمحو الخبيث " .
وقال ابن جرير : حدثنا أبو السائب ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم قال : كان فلان ابن معتب رجلا من الأنصار ، فقال : يا رسول الله ، دخلت على امرأة فنلت منها ما ينال الرجل من أهله ، إلا أني لم أجامعها فلم يدر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يجيبه ، حتى نزلت هذه الآية : ( وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ) فدعاه رسول الله ، فقرأها عليه .
وعن ابن عباس أنه عمرو بن غزية الأنصاري التمار . وقال مقاتل : هو أبو نفيل عامر بن قيس الأنصاري ، وذكر الخطيب البغدادي أنه أبو اليسر : كعب بن عمرو .
وقال الإمام أحمد : حدثنا يونس وعفان قالا حدثنا حماد - يعني : ابن سلمة - عن علي بن زيد - قال عفان : أنبأنا علي بن زيد ، عن يوسف بن مهران ، عن ابن عباس; أن رجلا أتى عمر قال : امرأة جاءت تبايعه ، فأدخلتها الدولج ، فأصبت منها ما دون الجماع ، فقال : ويحك . لعلها مغيبة في سبيل الله ؟ قال : أجل . قال : فأت أبا بكر فاسأله قال : فأتاه فسأله ، فقال : لعلها مغيبة في سبيل الله ؟ فقال مثل قول عمر ، ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له مثل ذلك ، قال : " فلعلها مغيبة في سبيل الله " . ونزل القرآن : ( وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ) إلى آخر الآية ، فقال : يا رسول الله ، ألي خاصة أم للناس عامة ؟ فضرب - يعني : عمر - صدره بيده وقال : لا ولا نعمة عين ، بل للناس عامة . فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " صدق عمر " .
وروى الإمام أبو جعفر بن جرير من حديث قيس بن الربيع ، عن عثمان بن موهب ، عن موسى بن طلحة ، عن أبي اليسر كعب بن عمرو الأنصاري قال : أتتني امرأة تبتاع مني بدرهم تمرا ، فقلت : إن في البيت تمرا أطيب وأجود من هذا ، فدخلت ، فأهويت إليها فقبلتها ، فأتيت عمر فسألته ، فقال : اتق الله ، واستر على نفسك ، ولا تخبرن أحدا . فلم أصبر حتى أتيت أبا بكر فسألته ، فقال : اتق الله ، واستر على نفسك ، ولا تخبرن أحدا . قال : فلم أصبر حتى أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته ، فقال : " أخلفت رجلا غازيا في سبيل الله في أهله بمثل هذا ؟ " حتى ظننت أني من أهل النار ، حتى تمنيت أني أسلمت ساعتئذ . فأطرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساعة ، فنزل جبريل ، فقال : " [ أين ] أبو اليسر ؟ " . فجئت ، فقرأ علي : ( وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل ) إلى ( ذكرى للذاكرين ) فقال إنسان : يا رسول الله ، أله خاصة أم للناس عامة ؟ قال " للناس عامة " .
وقال الحافظ أبو الحسن الدارقطني : حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي ، حدثنا يوسف بن موسى ، حدثنا جرير ، عن عبد الملك بن عمير ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن معاذ بن جبل; أنه كان قاعدا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاءه رجل فقال : يا رسول الله ، ما تقول في رجل أصاب من امرأة لا تحل له ، فلم يدع شيئا يصيبه الرجل من امرأته إلا قد أصاب منها ، غير أنه لم يجامعها ؟ فقال له النبي ، صلى الله عليه وسلم : " توضأ وضوءا حسنا ، ثم قم فصل " قال : فأنزل الله عز وجل هذه الآية ، يعني قوله : ( وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل ) فقال معاذ : أهي له خاصة أم للمسلمين عامة ؟ قال : " بل للمسلمين عامة " .
ورواه ابن جرير من طرق ، عن عبد الملك بن عمير ، به .
وقال عبد الرزاق : أخبرنا محمد بن مسلم ، عن عمرو بن دينار ، عن يحيى بن جعدة; أن رجلا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر امرأة وهو جالس مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستأذنه لحاجة ، فأذن له ، فذهب يطلبها فلم يجدها ، فأقبل الرجل يريد أن يبشر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمطر ، فوجد المرأة جالسة على غدير ، فدفع في صدرها وجلس بين رجليها ، فصار ذكره مثل الهدبة ، فقام نادما حتى أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بما صنع ، فقال له : " استغفر ربك ، وصل أربع ركعات " . قال : وتلا عليه : ( وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل ) الآية .
وقال ابن جرير : حدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثني عمرو بن الحارث حدثني عبد الله بن سالم ، عن الزبيدي ، عن سليم بن عامر; أنه سمع أبا أمامة يقول : إن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، أقم في حد الله - مرة أو ثنتين - فأعرض عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم أقيمت الصلاة ، فلما فرغ النبي - صلى الله عليه وسلم - من الصلاة قال : " أين هذا الرجل القائل : أقم في حد الله ؟ " قال : أنا ذا : قال : " أتممت الوضوء وصليت معنا آنفا ؟ " قال : نعم . قال : " فإنك من خطيئتك كما ولدتك أمك ، ولا تعد " . وأنزل الله على رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ( وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ) .
وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، أنبأنا علي بن زيد ، عن أبي عثمان قال : كنت مع سلمان الفارسي تحت شجرة ، فأخذ منها غصنا يابسا فهزه حتى تحات ورقة ، ثم قال : يا أبا عثمان ، ألا تسألني لم أفعل هذا ؟ فقلت : لم تفعله ؟ قال : هكذا فعل بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا معه تحت شجرة ، فأخذ منها يابسا فهزه حتى تحات ورقة ، فقال : " يا سلمان ، ألا تسألني : لم أفعل هذا ؟ " . قلت : ولم تفعله ؟ فقال : " إن المسلم إذا توضأ فأحسن الوضوء ، ثم صلى الصلوات الخمس ، تحاتت خطاياه كما يتحات هذا الورق . وقال : ( وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين )
وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ميمون بن أبي شبيب ، عن معاذ ، رضي الله عنه; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له : " يا معاذ ، أتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن " .
وقال الإمام أحمد ، رضي الله عنه : حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ، عن حبيب ، عن ميمون بن أبي شبيب ، عن أبي ذر; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " اتق الله حيثما كنت ، وأتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن " .
وقال أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن شمر بن عطية ، عن أشياخه ، عن أبي ذر قال : قلت : يا رسول الله ، أوصني . قال : " إذا عملت سيئة فأتبعها حسنة تمحها " . قال : قلت : يا رسول الله ، أمن الحسنات : لا إله إلا الله ؟ قال : " هي أفضل الحسنات " .
وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا هذيل بن إبراهيم الجماني ، حدثنا عثمان بن عبد الرحمن الزهري ، من ولد سعد بن أبي وقاص ، عن الزهري ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " ما قال عبد : لا إله إلا الله ، في ساعة من ليل أو نهار ، إلا طلست ما في الصحيفة من السيئات ، حتى تسكن إلى مثلها من الحسنات " .
عثمان بن عبد الرحمن ، يقال له : الوقاصي . فيه ضعف .
وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا بشر بن آدم وزيد بن أخرم قالا حدثنا الضحاك بن مخلد ، حدثنا مستور بن عباد ، عن ثابت ، عن أنس; أن رجلا قال : يا رسول الله ، ما تركت من حاجة ولا داجة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ؟ " . قال : بلى . قال : " فإن هذا يأتي على ذلك " .
تفسير القرطبي
قوله تعالى : وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين
فيه ست مسائل :
الأولى : قوله تعالى : وأقم الصلاة طرفي النهار لم يختلف أحد من أهل التأويل في أن الصلاة في هذه الآية يراد بها الصلوات المفروضة ; وخصها بالذكر لأنها ثانية الإيمان ، وإليها يفزع في النوائب ; وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة . وقال شيوخ الصوفية : إن المراد بهذه الآية استغراق الأوقات بالعبادة فرضا ونفلا ; قال ابن العربي : وهذا ضعيف ، فإن الأمر لم يتناول ذلك إلا واجبا لا نفلا ، فإن الأوراد معلومة ، وأوقات النوافل المرغب فيها محصورة ، وما سواها من الأوقات يسترسل عليها الندب على البدل لا على العموم ، وليس ذلك في قوة بشر .
الثانية : قوله تعالى : طرفي النهار قال مجاهد : الطرف الأول ، صلاة الصبح ، والطرف الثاني صلاة الظهر والعصر ; واختاره ابن عطية . وقيل : الطرفان الصبح والمغرب ; قاله ابن عباس والحسن . وعن الحسن أيضا الطرف الثاني العصر وحده ; وقاله قتادة والضحاك . وقيل : الطرفان الظهر والعصر . والزلف المغرب والعشاء والصبح ; كأن هذا القائل راعى جهر القراءة . وحكى الماوردي أن الطرف الأول صلاة الصبح باتفاق . قلت : وهذا الاتفاق ينقصه القول الذي قبله . ورجح الطبري أن الطرفين الصبح والمغرب ، وأنه ظاهر ; قال ابن عطية : ورد عليه بأن المغرب لا تدخل فيه لأنها من صلاة الليل . قال ابن العربي : والعجب من الطبري الذي يرى أن طرفي النهار الصبح والمغرب ، وهما طرفا الليل ! فقلب القوس ركوة ، وحاد عن البرجاس غلوة ; قال الطبري : والدليل عليه إجماع الجميع على أن أحد الطرفين الصبح ، فدل على أن الطرف الآخر المغرب ، ولم يجمع معه على ذلك أحد . قلت : هذا تحامل من ابن العربي في الرد ; وأنه لم يجمع معه على ذلك أحد ; وقد ذكرنا عن مجاهد أن الطرف الأول صلاة الصبح ، وقد وقع الاتفاق - إلا من شذ - بأن من أكل أو جامع بعد طلوع الفجر متعمدا أن يومه ذلك يوم فطر ، وعليه القضاء والكفارة ، وما ذلك إلا وما بعد طلوع الفجر من النهار ; فدل على صحة ما قاله الطبري في الصبح ، وتبقى عليه المغرب والرد عليه فيه ما تقدم . والله أعلم .
الثالثة : قوله تعالى : وزلفا من الليل أي في زلف من الليل ، والزلف الساعات القريبة بعضها من بعض ; ومنه سميت المزدلفة ; لأنها منزل بعد عرفة بقرب مكة . وقرأ ابن القعقاع وابن أبي إسحاق وغيرهما " وزلفا " بضم اللام جمع زليف ; لأنه قد نطق بزليف ، ويجوز أن يكون واحده " زلفة " لغة ; كبسرة وبسر ، في لغة من ضم السين . وقرأ ابن محيصن " وزلفا " من الليل بإسكان اللام ; والواحدة زلفة تجمع جمع الأجناس التي هي أشخاص كدرة ودر وبرة وبر . وقرأ مجاهد وابن محيصن أيضا " زلفى " مثل قربى . وقرأ الباقون وزلفا بفتح اللام كغرفة وغرف . قال ابن الأعرابي : الزلف الساعات ، واحدها زلفة . وقال قوم : الزلفة أول ساعة من الليل بعد مغيب الشمس ; فعلى هذا يكون المراد بزلف الليل صلاة العتمة ; قاله ابن عباس . وقال الحسن : المغرب والعشاء . وقيل : المغرب والعشاء والصبح ; وقد تقدم . وقال الأخفش : يعني صلاة الليل ولم يعين .
الرابعة : قوله تعالى : إن الحسنات يذهبن السيئات ذهب جمهور المتأولين من الصحابة والتابعين - رضي الله عنهم أجمعين - إلى أن الحسنات هاهنا هي الصلوات الخمس ، وقال مجاهد : الحسنات قول الرجل سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، قال ابن عطية : وهذا على جهة المثال في الحسنات ، والذي يظهر أن اللفظ عام في الحسنات خاص في السيئات ; لقوله - صلى الله عليه وسلم - : ما اجتنبت الكبائر .
قلت : سبب النزول يعضد قول الجمهور ; نزلت في رجل من الأنصار ، قيل : هو أبو اليسر بن عمرو . وقيل : اسمه عباد ; خلا بامرأة فقبلها وتلذذ بها فيما دون الفرج . روى الترمذي عن عبد الله قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إني عالجت امرأة في أقصى المدينة وإني أصبت منها ما دون أن أمسها وأنا هذا فاقض في ما شئت . فقال له عمر : لقد سترك الله ! لو سترت على نفسك ; فلم يرد عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا فانطلق الرجل فأتبعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا فدعاه ، فتلا عليه : وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين إلى آخر الآية ; فقال رجل من القوم : هذا له خاصة ؟ قال : لا بل للناس كافة . قال الترمذي : حديث حسن صحيح . وخرج أيضا عن ابن مسعود أن رجلا أصاب من امرأة قبلة حرام فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن كفارتها فنزلت : وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات فقال الرجل : ألي هذه يا رسول الله ؟ فقال : لك ولمن عمل بها من أمتي . قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . وروي عن أبي اليسر . قال : أتتني امرأة تبتاع تمرا فقلت : إن في البيت تمرا أطيب من هذا ، فدخلت معي في البيت فأهويت إليها فقبلتها ، فأتيت أبا بكر فذكرت ذلك له فقال : استر على نفسك وتب ولا تخبر أحدا فلم أصبر ، فأتيت عمر فذكرت ذلك له فقال : استر على نفسك وتب ولا تخبر أحدا فلم أصبر ، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له فقال : أخلفت غازيا في سبيل الله في أهله بمثل هذا ؟ حتى تمنى أنه لم يكن أسلم إلا تلك الساعة ، حتى ظن أنه من أهل النار . قال : وأطرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أوحى الله إليه وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين . قال أبو اليسر : فأتيته فقرأها علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أصحابه : يا رسول الله ! ألهذا خاصة أم للناس عامة ؟ فقال : بل للناس عامة . قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب ، وقيس بن الربيع ضعفه وكيع وغيره ; وقد روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعرض عنه ، وأقيمت صلاة العصر فلما فرغ منها نزل جبريل - عليه السلام - عليه بالآية فدعاه فقال له : أشهدت معنا الصلاة ؟ قال نعم ; قال : اذهب فإنها كفارة لما فعلت . وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما تلا عليه هذه الآية قال له : قم فصل أربع ركعات . والله أعلم . وخرج الترمذي الحكيم في " نوادر الأصول " من حديث ابن عباس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لم أر شيئا أحسن طلبا ولا أسرع إدراكا من حسنة حديثة لذنب قديم ، إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين .
الخامسة : دلت الآية مع هذه الأحاديث على ، أن القبلة الحرام واللمس الحرام لا يجب فيهما الحد ، وقد يستدل به على أن لا حد ولا أدب على الرجل والمرأة وإن وجدا في ثوب واحد ، وهو اختيار ابن المنذر ; لأنه لما ذكر اختلاف العلماء في هذه المسألة ذكر هذا الحديث مشيرا إلى أنه لا يجب عليهما شيء ، وسيأتي ما للعلماء في هذا في " النور " إن شاء الله تعالى .
السادسة : ذكر الله سبحانه في كتابه الصلاة بركوعها وسجودها وقيامها وقراءتها وأسمائها فقال : أقم الصلاة الآية . وقال : أقم الصلاة لدلوك الشمس الآية . وقال : فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون . وقال : وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها . وقال : اركعوا واسجدوا . وقال : وقوموا لله قانتين . وقال : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا على ما تقدم . وقال : ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها أي بقراءتك ; وهذا كله مجمل أجمله في كتابه ، وأحال على نبيه في بيانه ; فقال جل ذكره : وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم فبين - صلى الله عليه وسلم - مواقيت الصلاة ، وعدد الركعات والسجدات ، وصفة جميع الصلوات فرضها وسننها ، وما لا تصح الصلاة إلا به من الفرائض وما يستحب فيها من السنن والفضائل ; فقال في صحيح البخاري : صلوا كما رأيتموني أصلي . ونقل ذلك عنه الكافة عن الكافة ، على ما هو معلوم ، ولم يمت النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بين جميع ما بالناس الحاجة إليه ; فكمل الدين ، وأوضح السبيل ; قال الله تعالى : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا .
قوله تعالى : ذلك ذكرى للذاكرين أي القرآن موعظة وتوبة لمن اتعظ وتذكر ; وخص الذاكرين بالذكر لأنهم المنتفعون بالذكرى . والذكرى مصدر جاء بألف التأنيث .
وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ
"Dan dirikanlah sembahyang (wahai Muhammad, engkau dan umatmu), pada dua bahagian siang (pagi dan petang), dan pada waktu-waktu yang berhampiran dengannya dari waktu malam. Sesungguhnya amal-amal kebajikan (terutama sembahyang) itu menghapuskan kejahatan. Perintah-perintah Allah yang demikian adalah menjadi peringatan bagi orang-orang yang mahu beringat."
Segala kebaikan dengan menjalankan perintah-perintah Allah terlebih lagi berupa ibadah yang paling penting dan utama adalah mendirikan solat kerana solat dapat menghilangkan perbuatan-perbuatan yang buruk, Nabi bersabda “Ikutukah kebaikan pada kejelekan neacaya akan meleburnya”
(Riwayat At-Tirmidzi)
AsbabunNuzul ayat 114 surat Huud “Sesungguhnya perbuatan-perbuatan baik itu menghapuskan perbuatan-perbuatan yang buruk”.
نزلت هذه الآية في أبي اليسر عمرو بن غزية الأنصاري وكان يبيع التمر فأتته امرأة تبتاع تمراً فقال : إن هذا التمر ليس بجيد وفي البيت أجود منه ، فهل لك فيه ، فقالت : نعم ، فذهب بها إلى بيته فضمها إليه وقبّلها ، فقالت له : اتق الله فتركها وندم على ذلك ، فأتى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وقال : يا رسول الله ، ما تقول في رجل راود امرأة عن نفسها ولم يبق شيئاً مما يفعل الرجال بالنساء إلاّ ركبه غير أنه لم يجامعها ، فقال عمر بن الخطاب : لقد ستر الله عليك لو سترت على نفسك ، فلم يردّ عليه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) شيئاً ، وقال : أنظر فيه أمر ربي ، وحضرت صلاة العصر ، فصلّى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) العصر ، فلما فرغ أتاه جبريل بهذه الآية ، فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ( أين أبو اليسر ؟ ) فقال : ها أناذا يا رسول الله ، قال : ( أشهدت معنا هذه الصلاة ؟ ) قال : نعم ، قال : ( اذهب فإنها كفارة لما عملت ) فقال عمر : يا رسول الله أهذا له خاصّة أم لنا عامة ؟ فقال ( صلى الله عليه وسلم ) ( بل للناس عامة ) .
Ayat tersebut diturunkan pada sahabat Abu al-Yusr ‘Amr Bin Ghozyah al-Anshaari, adalah ia seorang penjual buah kurma.
Suatu ketika datanglah seorang wanita hendak membeli kurmanya.
“Kurma ini tidak bagus, di rumah ada yang lebih bagus darinya, adakah engkau menginginkannya ?” Tanya Abu al-Yusr pada wanita itu.
“Ya” Jawab wanita. Maka Abu al-Yusr mengajak wanita tersebut menuju rumahnya.
Sesampainya dalam rumah Abu al-Yusr malah memeluk erat dan menciumnya. “Takutlah engkau pada Allah… !!” Jerit wanita itu.
Lalu tersedarlah Abu al-Yusr dan ia melepaskannya. Abu al-Yusr sangat menyesal dengan perbuatannya dan mendatangi Rasulullah SAW.
“Wahai Rasulullah, bagaimana pendapat Tuan atas perbuatan seorang lelaki yang hendak ‘menodai’ seorang wanita,” tanya Abu al-Yusr.
Umar yang ketika itu berada di situ menyahut “Sungguh Allah telah menutupi aib mu bila engkau menutupi dirimu atas perbuatanmu..!
Rasulullah tidak memberi jawapan apapun selain berkata “Aku menunggu perintah Tuhanku..”.
Kemudian tiba waktu untuk menunaikan solat asar, kemudian Nabi mengimami solat berjamaah termasuklah Abu al-Yusr.
Setelah selesai sholat datanglah malaikat Jibril dengan menurunkan ayat 114 surat Huud.
وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ
Dan dirikanlah sembahyang (wahai Muhammad, engkau dan umatmu), pada dua bahagian siang (pagi dan petang), dan pada waktu-waktu yang berhampiran dengannya dari waktu malam. Sesungguhnya amal-amal kebajikan (terutama sembahyang) itu menghapuskan kejahatan. Perintah-perintah Allah yang demikian adalah menjadi peringatan bagi orang-orang yang mahu beringat. ”
Setelah turunnya wahyu Nabi SAW bertanya “Di mana Abu al-Yusr ?” “Saya, wahai Rasulullah” Jawab Abu al-Yusr.
“Apakah engkau tadi ikut solat asar bersamaku?” tanya nabi. “Ya, Rasulullah” jawab Abu al-Yusr.
“Pergilah… sesungguhnya solat asar mu sebagai penebus atas apa yang engkau telah lakukan,” sabda Nabi SAW.
Abu al-Yusr lega dan Umar terperanjat. “Wahai Rasulullah, apakah yang demikian hanya khusus buatnya atau juga bagi kami?” tanya Umar.
“Tidak hanya uuntu Abu al-Yusr, tapi itu untuk semua orang” jawab Nabi yg disambut gembira Umar dan para sahabat lain.
Manakala dalam riwayat lain ada dikemukakan bahawa Abir bin Yasar telah didatangi oleh seorang wanita untuk membeli kurma.Dia berkata:”dirumahku ada kurma yang lebih baik dari ini.”Maka masuklah wanita itu bersamanya lalu dirangkul wanita itu dan menciumnya.Setelah itu dia datang mengadap Rasulullah dan menceritakan kejadian tersebut.Kemudian Nabi bersabda:”Beginikah engkau apabila seorang isteri ditinggalkan oleh suaminya yang sedang berperang? Abi Yasir menundukkan kepalanya begitu lama sekali.
Maka turunlah ayat ini(Surah Huud:11:114) sebagai perintah untuk mendirikan sembahyang lima waktu kerana perbuatan yang baik dapat menghapiuskan perbuatan yang jahat.
(Diriwayatkan oleh at Tirmizi dan yang lainnya dari Abi Yasir)
وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ
" And establish the Prayer at the two ends of the day and in the first hours of the night. Indeed the good deeds drive away the evil deeds. This is a Reminder to those who are mindful of Allah."
The Qur'an informs the believers of the best way to drive away the evils which are rampant in the world and how to obliterate the wrongs perpetuated by the inveterate enemies of Islam. It counsels the believers to become increasingly righteous. For the righteousness of the believers will ultimately overwhelm evil and corruption. Now, since Prayers constantly remind people of God, they are the best means of making people righteous. The power that the believers receive from Prayer will not only enable them to repulse the onslaught of the organized forces of evil, but also to establish a righteous and benevolent order in the world. (For further elaboration see al-'Ankabut 29, nn. 77-9.)