الإمام أبو عيسى محمد بن عيسى بن سَوْرة بن
موسى السُّلمي الترمذي
والترمذي: نسبة إلى "تِرْمِذ" - بكسر التاء - مدينة مشهورة
ولد رحمه الله سنة 209هـ
طلبه للعلم وشيوخه وتلامذته:
بدأ رحمه الله طلب العلم في سن مبكرة؛ فمن أقدم شيوخه: أبو جعفر محمد بن جعفر السِّمناني(توفي قبل220هـ) فيكون عمر الترمذي آنذاك أقل من عشر سنين، ثم إنه بعد أن تلقى العلم عن أهل بلده رحل وطوّف في البلاد؛ قال الذهبي في السير:" ارتحل فسمع بخراسان والعراق والحرمين، ولم يرحل إلى مصر والشام"
ويرجح الدكتور أكرم ضياء العمري في بحثه"تراث الترمذي العلمي" أن الترمذي دخل بغداد ولكن كان ذلك بعد وفاة الإمام أحمد بن حنبل - إذ إن الترمذي لم يسمع من الإمام أحمد-
ومن أشهر الشيوخ الذين تلقى الترمذي عنهم وسمع الحديث منهم:
•1- قتيبة بن سعيد الثقفي البغلاني (ت240هـ) وهو أحد شيوخ أصحاب الكتب الستة.
•2- علي بن حُجر المروزي (ت244هـ)
•3- محمد بن إسماعيل البخاري (ت256هـ) وهو من أهم شيوخه.
•4- محمد بن بشار البصري الملقب بندار (252هـ)
•5- محمد بن المثنى البصري العنزي الملقب بـ (الزمِن) (ت252هـ)
•6- أحمد بن منيع البغوي الحافظ (ت244هـ)
•7- محمود بن غيلان المروزي (239هـ)
•8- عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي الحافظ (255هـ)
•9- إسحاق بن راهويه (238هـ)
وقد تلقى العلم عن الإمام الترمذي خلق كثير، من أشهرهم:
•1- أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي المروزي.
•2- أبو سعيد الهيثم بن كُليب الشاشي.
•3- أبو ذر محمد بن إبراهيم الترمذي.
•4- أبو محمد الحسن بن إبراهيم القطان.
•5- أبو حامد أحمد بن عبد الله المروزي التاجر.
منزلته عند العلماء:
قال الترمذي قال لي محمد بن إسماعيل : ما انتفعت بك أكثر مما انتفعت بي.
قال المزي: "أحد الأئمة الحفاظ المبرزين، ومن نفع الله به المسلمين"
وقال الذهبي في السير: الحافظ العلم الإمام البارع، وقال أيضا: جامعه قاضٍ له بإمامته وحفظه وفقهه.
وقال ابن كثير: هو أحد أئمة هذا الشأن في زمانه وله المصنفات المشهورة..
وأما عن وصف ابن حزم له بأنه مجهول، فقد رد الأئمة عليه وخطؤوه في ذلك، قال الذهبي في ميزان الاعتدال: "ثقة مُجمعٌ عليه، ولا التفات إلى قول أبي محمد بن حزم فيه ..فإنه ما عرفه ولا درى بوجود الجامع، ولا العلل اللذَين له"
وذكر في السير في ترجمة ابن حزم أن جامع الترمذي وسنن ابن ماجه لم يدخلا الأندلس إلا بعد موته.
وكذا ردّ عليه ابن كثير في البداية والنهاية، وكذا ردّ عليه ابن حجر
صفاته:
-كان عالماً عاملاً ورعاً زاهداً، قال الحافظ عمر بن أحمد بن علَّك المروزي: مات البخاري فلم يخلف بخراسان مثل أبي عيسى في العلم والزهد؛ بكى حتى عمِيَ.
- وكان من أبرز صفاته التي عُرف بها: قوة الحفظ، فقد كان حافظاً بارعاً.
- يُقال: أنه وُلد أعمى والصواب أنه أضرَّ في آخر عمره، ذكره الذهبي وابن كثير.
بعض مؤلفاته:
•1- الجامع، وهو أشهر مؤلفاته.
•2- العلل الصغير، وقد اختلف فيه هل هو من كتب الجامع أو هو كتاب مستقل، والأشهر أنه من الجامع، وأنه كتبه كالخاتمة لكتاب الجامع.
•3- كتاب العلل الكبير
•4- الشمائل المحمدية.
•5- تسمية أصحاب رسول الله r.
•6- كتاب الزهد.
•7- كتاب الأسماء والكنى.
•8- كتاب التفسير.
•9- كتاب التاريخ.
وفاته:
توفي في ترمذ، في 13/ رجب/ 279هـ
مصادر الترجمة: الثقات لابن حبان، الأنساب للسمعاني، وفيات الأعيان لابن خلكان، سير أعلام النبلاء للذهبي(13/273)، تذكرة الحفاظ للذهبي، تهذيب الكمال للمزي، تهذيب التهذيب (9/389)، البداية والنهاية، مقدمة تحفة الأحوذي، تراث الترمذي العلمي لأكرم ضياء العمري.
2ً- جامع الترمذي:
اسم الكتاب:
وجد على بعض النسخ الخطية الجيدة للكتاب تسميته بـ" الجامع المختصر من السنن عن رسول الله r ومعرفة الصحيح والمعلول وما عليه العمل" ، ويسمى اختصارا: " الجامع"
وهناك تسميات غير دقيقة، منها: " السنن" وهي تسمية غير دقيقة؛ لأن جامع الترمذي يتضمن أبواباً كثيرة غير الأحكام، كالتفسير والعقائد والمناقب والفتن وغيرها.
وسماه الخطيب: "صحيح الترمذي" كما نص على ذلك السيوطي في تدريب الراوي، وأطلق عليه الحاكم "الجامع الصحيح" وهو الاسم الموجود على طبعة الشيخ أحمد شاكر للترمذي، وهذا الاسم غير صحيح، لأن الكتاب في الصحيح والحسن والضعيف والمنكر والشديد الضعف بل والموضوع.
ومنهم من سماه "الجامع الكبير" كما ذكر الكتاني في "الرسالة المستطرفة"
(ينظر: رسالة" تحقيق اسمي الصحيحين وجامع الترمذي" لعبد الفتاح أبي غدة).
السبب الباعث على تأليف الكتاب:
قال الإمام الترمذي في العلل: وإنما حملنا على ما بينا في هذا الكتاب - أي الجامع- من قول الفقهاء وعلل الحديث، لأنا سئلنا عن هذا فلم نفعله زماناً، ثم فعلناه لما رجونا فيه منفعة الناس..
عدد أحاديث الكتاب:
عدد أحاديث الكتاب ثلاث آلاف وتسع مئة وست وخمسون حديثاً
وعنده ثلاثي واحد: (حديث رقم2260)، قال رحمه الله: حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري ابن بنت السدي الكوفي، حدثنا عمر بن شاكر عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله r :]يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر[
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب من هذا الوجه و عمر بن شاكر شيخ بصري قد روى عنه غير واحد من أهل العلم.
قلت: وعمر بن شاكر ضعيف كما في التقريب، لكن للحديث شواهد يتقوى بها، وقد حكم الشيخ الألباني بصحته في صحيح سنن الترمذي.
رواة الجامع: لجامع الترمذي رواة كثر أذكر أشهرهم:
•1- أبو حامد: أحمد بن محمد التاجر المروزي.
•2- أبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب المحبوبي.
•3- أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي.
•4- أبو ذر محمد بن إبراهيم بن محمد الترمذي.
•5- أبو محمد الحسن بن إبراهيم القطان.
ثناء أهل العلم على هذا الكتاب:
قال الإمام الترمذي: صنفت هذا الكتاب فعرضته على علماء الحجاز والعراق وخراسان، فرضوا به. ومن كان في بيته هذا الكتاب فكأنما في بيته نبي يتكلم.(تذكرة الحفاظ2/634)
قال الذهبي في السير: قال ابن طاهر: وسمعت أبا إسماعيل يقول: كتاب أبي عيسى الترمذي عندي أفيد من كتاب البخاري ومسلم. قلت: ولم ؟ قال، لأنهما لا يصل إلى الفائدة منهما إلا من يكون من أهل المعرفة التامة، وهذا كتاب قد شرح أحاديثه، وبينها، فيصل إلى فائدته كل فقيه وكل محدث
قال ابن الأثير في جامع الأصول(1/114): كتاب الصحيح - أي الترمذي- أحسن الكتب وأكثرها فائدة وأحسنها ترتيباً وأقلها تكراراً، فيه ما ليس في غيره من ذكر المذاهب ووجه الاستدلال وتبيين أنواع الحديث والحسن والغريب..
وقال الذهبي في السير(13/276): جامعه قاضٍ بإمامته وحفظه وفقهه وفيه علم نافع وفوائد غزيرة...إلخ
قال الدهلوي في بستان المحدثين: تصانيف الترمذي كثيرة وأحسنها هذا الجامع الصحيح، بل هو من بعض الوجوه والحيثيات أحسن من جميع كتب الحديث:
•1- من جهة حسن الترتيب، والاختصار، وعدم التكرار.(فليس فيه سوى مئة حديث مكرر فقط)
•2- ومن جهة ذكر مذاهب الفقهاء ووجه الاستدلال لكل أحد من المذهب.
•3- ومن جهة بيان أنواع الحديث من الحسن والصحيح والضعيف... والغريب والمعل.
•4- ومن جهة بيان أسماء الرواة وألقابهم وكناهم ونحوها من الفوائد المتعلقة بعلم الرجال..
قال ابن العربي: وليس فيها مثل كتاب أبي عيسى حلاوة مقطع.
شرط الترمذي في جامعه:
أبان رحمه الله أن قصده جمع الأحاديث التي يستدل بها الفقهاء، فقال رحمه الله في أول كتاب العلل: جميع ما في هذا الكتاب من الحديث فهو معمولٌ به وقد أخذ به بعض أهل العلم ما خلا حديثين حديث ابن عباس أن النبي r جمع بين الظهر والعصر بالمدينة والمغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر ولا مطرٍ. وحديث النبيr أنه قال إذا شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد في الرابعة فاقتلوه. وقد بينا علة الحديثين جميعا في الكتاب.
وقال الإمام ابن طاهر المقدسي في "شروط الأئمة الستة"(ص88): وأما أبو داود فمن بعده فإن كتبهم تنقسم على ثلاثة أقسام:
•1- القسم الأول: صحيح؛ وهو الجنس المخرج في هذين الكتابين للبخاري ومسلم، فإن أكثر ما في هذه الكتب مخرج في هذين الكتابين، والكلام عليه كالكلام على الصحيحين فيما اتفقا عليه واختلفا فيه.
•2- والقسم الثاني: صحيح على شرطهم، حكى أبو عبد الله بن منده أن شرط أبي داود والنسائي: (إخراج أحاديث أقوام لم يجمع على تركهم، إذا صح الحديث باتصال الإسناد من غير قطع ولا إرسال)، ويكون هذا القسم من الصحيح...
قلت: قال الحافظ ابن حجر: المراد إجماعاً خاصاً، وذلك أن كل طبقة لا تخلو من متشدد ومتوسط ..فإذا أجمع أصحاب الطبقة الواحدة على ترك رجل ٍ تركاه، وإن اختلفوا فيه خرجا حديثه.
•3- والقسم الثالث: أحاديث أخرجوها للضدية في الباب المتقدم، وأوردوها لا قطعاً منهم بصحتها، وربما أبان المخرِّج لها عن علتها بما يفهمه أهل المعرفة... ثم قال: وأما أبو عيسى الترمذي فكتابه وحده على أربعة أقسام:
•1- قسم صحيح مقطوع به، وهو ما وافق فيه البخاري ومسلم.
•2- وقسم على شرط الثلاثة دونهما كما بينَّا.
•3- وقسم أخرجه للضدية، وأبان عن علته ولم يغفله.
•4- وقسم رابع أبان هو عنه، فقال: ما أخرجت في كتابي هذا إلا حديثاً قد عمل به بعض الفقهاء. وهذا شرط واسع..
وقال الحازمي في "شروط الأئمة الخمسة "(ص150) بعد أن ذكر مذهب من يخرج الصحيح: .. وهذا باب فيه غموض، وطريقه معرفة طبقات الرواة عن راوي الأصل ومراتب مداركهم. ولنوضح ذلك بمثال، وهو أن تعلم أن أصحاب الزهري مثلا على طبقات خمس، ولكل طبقة منها مزية على التي تليها وتفاوت. فمن كان في الطبقة الأولى فهو الغاية في الصحة، وهو غاية مقصد البخاري و... والطبقة الرابعة: قوم شاركوا أهل الطبقة الثالثة في الجرح والتعديل وتفردوا بقلة ممارستهم لحديث الزهري، لأنهم لم يصاحبوا الزهري كثيراً، وهو شرط أبي عيسى الترمذي. وفي الحقيقة شرط الترمذي أبلغ من شرط أبي داود، لأن الحديث إذا كان ضعيفاً أو مطلعه من حديث أهل الطبقة الرابعة، فإنه يبين ضعفه وينبِّه عليه، فيصير الحديث عنده من باب الشواهد والمتابعات، ويكون اعتماده على ما صح عند الجماعة، وعلى الجملة: فكتابه مشتمل على هذا الفن، فلهذا جعلنا شرطه دون شرط أي داود.
قال ابن رجب: أحاديث الكتاب فيها الصحيح، والحسن الذي فيه بعض الضعف، والغريب، والغرائب عنده في بعضها مناكير، ولا سيما في كتاب الفضائل، ولكنه غالباً ما يبين ذلك ولا يسكت عليه.
وقال أيضاً: وهو يخرج عن الثقة، ومن يهم قليلاً، ومن يهم كثيراً، ويخرج عن المتهم بالكذب. ثم قال: لكنني لم أجد حديثاً عن راوٍ متهم بالكذب متفق على اتهامه ليس له إلا طريقاً واحدة، من ذلك حديث كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده: " الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً " كثير بن عبد الله الكثيرون على اتهامه بالكذب، لكن البخاري قواه،ثم إن الحديث له طرقاً كثيرة... فلم يتفرد به كثير.
منهج الترمذي في جامعه:
•1- قسم الترمذي جامعه إلى كتب وعددها (51)كتاباً، بدأها بكتاب الطهارة وختمها بكتاب المناقب، وألحق بالجامع كتاباً سماه "العلل الصغير" ثم قسم الكتاب إلى أبواب، جعل في كل باب أحاديث، يختلف عددها من باب لآخر، فإذا كانت في أبواب الطهارة فإنه يقتصر - في الغالب - على حديث أو اثنين أو ثلاثة، أما في الكتب المتأخرة فإنه يذكر تحت الباب أحاديث كثيرة.
•2- جعل أبواب كتابه تحمل عناوين المسائل التي روى الأحاديث من أجلها.
•3- يتبع الأحاديث التي يوردها بأقوال الفقهاء في المسألة التي تضمنها الحديث.
•4- يتكلم على درجة الحديث ورجال الإسناد، وما اشتمل عليه الإسناد من علل.
•5- يبين ما إذا كان العمل على هذا الحديث أولا.
•6- يذكر ما للحديث من طرق.
•7- قال ابن طاهر في شروط الأئمة في معرض كلامه عن جامع الترمذي: وكان من طريقته رحمة الله عليه أن يترجم الباب الذي فيه حديث مشهور عن صحابي قد صح الطريق إليه، وأُخرج من حديثه في الكتب الصحاح، فيورد في الباب ذلك الحكم من حديث صحابي آخر لم يخرجوا حديثه، ولا تكون الطريق إليه كالطريق الأول، وإن كان الحكم صحيحاً، ثم يتبعه بقوله: (وفي الباب عن فلان وفلان)، ويعُدَّ جماعة فيهم ذلك الصحابي المشهور وأكثر، وقلما يسلك هذه الطريقة إلا في أبواب معدودة، والله أعلم.
تنبيه: 1- هذا الترتيب الذي مشى عليه الترمذي في جامعه ليس دائماً في كل باب، وإنما قد يخرج عنه.
•2- قول الترمذي: "وفي الباب" تنبيه إلى أنه:
•1- لا يريد بذلك ذكر ما يشهد للحديث من اللفظ أو المعنى، وإنما همه ذكر ما في الباب من أحاديث، فقد يكون الحديث الذي يذكره بعد قوله: وفي الباب معارضا لحديث الباب، مثال: حديث الوضوء من لحم الإبل (رقم81)، قال:وفي الباب عن جابر: " كان آخر الأمر ترك الوضوء مما مست النار".
•2- ليس كل ما ذكره مسنداً يكون أصح مما قال فيه: وفي الباب مثال- في باب رؤية الهلال، ذكر حديث ابن عباس"صوموا لرؤيته...." ثم قال: وفي الباب عن أبي هريرة وابن عمر. وحديث أبي هريرة وابن عمر في الصحيحين، بخلاف حديث ابن عباس.
3-لم يرد المصنف بقوله: وفي الباب الاستيعاب، إنما أراد بذلك أنه يوجد أحاديث أخر.
4-قد يقول: (وفي الباب) ثم يذكر نفس الصحابي، ماذا يريد من هذا؟ ج: يريد أن يشير إلى طرق حديث هذا الصحابي.
ما يذكره الترمذي في الباب غير ما ذكر:
•1- تسمية المبهمين والمهملين.
•2- يذكر اختلاف الرواة في الأسانيد.
•3- يذكر اختلاف الرواة في الألفاظ، مثاله: حديث ابن عمر: "صلاة الجماعة تفضل عن صلاة الفذ بسبع وعشرين". وبقية الصحابة "خمس وعشرين".
•4- قد يشرح ما جاء في الحديث من غريب، مثال: حديث أبي هريرة (رقم121): "فانخنست" قال الترمذي: ومعنى قوله: فانخنست يعني: تنحيت عنه.
•5- يسمي من ذكر بكنيته، مثل: أبو قلابة: عبد الله بن زيد الجرمي.
الأشياء التي تضمنها العلل الصغير الملحق في آخر الجامع:
•1- سبب تأليف الكتاب: أنه سئل عن تصنيف كتاب يجمع فيه أحاديث النبي r، فامتنع أولاً ثم لما رأى من قبله تكلف ما لم يسبق إليه شرع في الكتاب.
•2- ذكر طريقته في الكتاب: يجمع بين فقه الحديث والعلل.
•3- أنه ذكر حال الأحاديث: فبين فيه أنه لا يوجد حديثٌ في كتابه إلا وقد عمل به بعض الفقهاء خلا حديثين: - حديث ابن عباس: "أنه r جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر"- وحديث "إذا شرب الرابعة فاقتلوه"
•4- ذكر طرقه وأسانيده إلى من ذكر أقوالهم في الجامع..(أحمد، الشافعي... ) بأسانيده.
•5- ذكر حكم نقد الرجال: بين أن نقد الرجال الحامل عليه النصح لله ولرسوله، وذكر بعضاً ممن انتقد الرجال وتكلم فيهم.
•6- ذكر أن رواية الثقة عن رجل ليست توثيقاً له، قال: لأنه وجد أناس من الثقات رووا عن بعض الضعفاء.
•7- ذكر أقسام الرواة: أ- الثقات. ب- من يهم قليلاً. ج- من يهم كثيراً. د- المتهمون بالكذب.
•8- حكم المرسل واختلاف العلماء في الاحتجاج به.
•9- ذكر أنواع التحمل.
•10- ذكر أنواع الغريب: - غريب مطلق، غريب نسبي، تفرد بعض الرواة بلفظ.
•11- ذكر اختلاف الرواة في الشيخ.
•12- ذكر أول من فتش في الأسانيد، وذكر بعض من تكلم في الرجال.
المصطلحات التي استخدمها الترمذي في جامعه:
•1- لفظ "الكراهة": أرد بها مراد المتقدمين: وهو التحريم وهذا في الغالب.
•2- المرسل: يريد بذلك: المنقطع.
•3- وبه قال أصحابنا: يريد أهل الحديث.
•4- قد يقول في أحد حديثين:"وهذا أصح" أو " هذا أصح ما في الباب" فهل يريد بذلك أن هذا صحيح والآخر ضعيف؟ أو أن هذا صحيح والآخر أصح وأقوى؟
الجواب: يريد بذلك قوة الصحة وتفضيل أحدهما على الآخر، وقد يكون الحديثان ضعيفين فالذي قال فيه: أصح أقل ضعفاً من الآخر.
وقد يكونا صحيحين وقد يكون أحدهما صحيح والآخر ضعيف.
•5- يعبر بـ"العلة" ويريد النسخ، مثال ذلك: ما قاله في أول العلل: حديث ابن عباس أن النبي r جمع بين الظهر والعصر بالمدينة والمغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر ولا مطرٍ. وحديث النبي r أنه قال إذا شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد في الرابعة فاقتلوه، فقال الترمذي: وقد بينا علة الحديثين جميعا في الكتاب.
قال ابن رجب: لم يرد ضعف الحديثين، وإنما أراد ما ينسخ العمل بالحديثين.
•6- الحديث الحسن: وتعريف الحسن عند الترمذي: (الذي ليس في إسناده متهم بالكذب، ويروى من غير وجه، ولم يكن شاذا)، فالمراد به الحسن لغيره.
تنبيه: إطلاق الحسن وجد قبل الترمذي في كلام شيخه البخاري وعلي ابن المديني
•7- الغريب: ويطلقه على أربعة معاني:
•1- يطلقه ويريد به الغرابة المطلقة وهو تفرد راوٍ في طبقة من الطبقات.
•2- يريد به الغرابة النسبية، أي بالنسبة لهذا الشيخ وهذا البلد يعتبر غريباً.
•3- أن يكون الحديث بألفاظه مشتهراً لكن أحد رواته تفرد ببعض ألفاظه.
•4- إذا قال: "حديث غريب" فقط: فيريد به تضعيف الحديث.
•8- حديث حسن غريب؛ وفي معناه أقوال:
2- أن الحديث غريب: أي غرابة مطلقة، والحسن يراد به الحسن اللغوي. 3- أنه يريد بذلك: "حسن لذاته" غريب غرابة مطلقة.
•9- حسن صحيح: أقوال العلماء في مراده:
•1- حسن باعتبار إسناد صحيح باعتبار إسناد آخر. قال به ابن الصلاح والنووي.
ويرد عليه الأحاديث التي ليس لها إلا إسناد واحد ويقول فيها الترمذي: "حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه" (قاله العراقي).
•2- الحسن هنا لغوي، بأن يكون معناه مقبولاً لا يأباه القلب. وقال به ابن الصلاح أيضاً والذهبي. ويرد عليه: الأحاديث الموضوعة والضعيفة، فبعضها حسنة الألفاظ، وعلى هذا المعنى يحمل قول شعبة لما قيل له: لمَ تدع حديث عبد الملك بن أبي سليمان، وقد كان حسن الحديث، قال: من حسنها فررت. (يعني أنها منكرة).
•3- حسن باعتبار الصفة الدنيا - كالصدق مثلا- صحيح باعتبار الصفة العليا - وهي الحفظ والإتقان- وهذا قول ابن دقيق العيد وسبه ابن الموَّاق، ويلزم من هذا القول: أن كل حديث صحيح حسن.
•4- أن الجمع بين الصحة والحسن درجة متوسطة بين الصحيح والحسن، فما يقول فيه: حسن صحيح: أعلى رتبة من الحسن، ودون الصحيح. قال العراقي: وهذا تحكم لا دليل عليه.
•5- حسن لذاته، صحيح لغيره، وقال به السيوطي.
•6- حسن باعتبار إسناده، صحيح أي أنه أصح حديث في الباب، وقال به السيوطي أيضاً.
•7- أنه للتردد فيه هل هو صحيح أو حسن، لاختلاف المجتهدين من المحدثين في حكمه، فهو حسن باعتبار قوم صحيح باعتبار آخرين، فكأنه قال: (حسنٌ أو صحيح) ثم حرف التردد (أو ) فصارت عبارته: (حسن صحيح)، فما قيل فيه: (حسن صحيح) دون ما قيل فيه: (صحيح) لأن الجزم أقوى من التردد، وهذا التوجيه إذا كان للحديث إسناد واحد. أما إذا كان للحديث إسنادان فإطلاق الوصفين معاً على الحديث يكون باعتبار إسنادين: أحدهما حسن والآخر صحيح، وعلى هذا فما قيل فيه: (حسن صحيح) فوق ما قيل فيه: (صحيح )، إذا كان فرداً، لأن كثرة الطرق تقوِّي، وهذا قول ابن حجر( ولعله أرجح الأقوال، وفيه جمع بين قول ابن الصلاح وابن كثير).
•8- - حديث صحيح معمول به إذا قال (حسن صحيح )، وإن قال: (صحيح ) فهو صحيح لكن غير معمول به.
•9- أن الترمذي يشوب الحسن بالصحة، أي أنه أعلى من الحسن ولكنه لا يصل مرتبة الصحيح.
تنبيه: قال السخاوي في "بذل المجهود في ختم سنن أبي داود" بعد أن ذكر روايات سنن أبي داود والاختلاف بينها: وحينئذٍ فينبغي التوقف في نسبة السكوت إليه إلا بعد الوقوف على جميعها، كما أنه لا ينسب للترمذي القول بالتحسين أو التصحيح أو نحو ذلك، إلا بعد مراجعة عدة أصول لاختلاف النسخ في ذلك..
مميزات جامع الترمذي:
تظهر الصناعة الحديثية في الكتاب من خلال:
•أ- حكمه على الأحاديث وعلى الرجال.
•ب- يبين الاختلاف في الألفاظ والأسانيد.
•ت- يشرح الكلمات الغريبة في الحديث: (ثم انخنست) قال: تسللت خفية.
•ث- يبين أسماء الألقاب والكنى.
•ج- استعماله لصيغة التحويل كما هو الحال عند الإمام مسلم، مثاله: قوله: حدثنا قتيبة بن سعيد وعلي بن حجر قالا: حدثنا غندر (مثلاً) ح، وحدثنا محمد بن بشار قال حدثنا غندر قال: حدثنا شعبة.
•ح- ومما يتميز به كتاب الترمذي على الصحيحين: بيانه للعلل صراحة، فيورد الحديث ويورد كلام أهل العلم في إعلال ذلك الحديث، وربما أقرهم على إعلال ذلك الحديث، وربما دافع عن الحديث، ونفى تلك العلة وبين أنها علة غير مؤثرة.
وتظهر الصناعة الفقهية من خلال:
•أ- أنه يذكر الأحاديث ويذكر فقهها وهل عليها العمل أم لا، ومن قال به.
•ب- يرجح ويدلل للاختلاف.
•ت- يذكر أقوال الأئمة في المسألة ويذكر الرأي الراجح، وربما قال: "وهذا الذي عليه العمل". ويشير إلى الرأي المقابل للقول الراجح.
الكتب التي خدمت كتاب الترمذي:
1ً- الشروح:
•1- النفح الشذي لابن سيد الناس ولم يكمله ثم أكمله العراقي ثم ابنه.
•2- عارضة الأحوذي لابن العربي المالكي (شرح للمتن فقط).
•3- شرح الحافظ ابن الملقن (شرح لزوائد الترمذي، واهتم بالمتون دون الأسانيد).
•4- شرح ابن حجر (ولم يكمله).
•5- شرح ابن رجب. (وهو مفقود ولم يبق منه إلا العلل وجزء يسير من كتاب اللباس).
•6- شرح السيوطي. "قوت المغذي".
•7- تحفة الأحوذي للمباركفوري. "جمع بين دراسة الأسانيد والمتون".
2ً- الكتب التي اهتمت بتخريج ما قال فيه الترمذي: (وفي الباب):
•1- نزهة الألباب فيما قال فيه الترمذي: وفي الباب لـ حسين الوائلي
•2- رش السحاب في تخريج ما قال فيه الترمذي: وفي الباب
•3- كشف النقاب فيما قال فيه الترمذي: وفي الباب لـ فيض الله.
ً3- المستخرجات: مستخرج أبي علي الطوسي.
ً4- ما ألف في رجاله:
•1- شيوخ أبي عيسى الترمذي، لأبي بكر محمد بن إسماعيل بن خلفون.
•2- الكتب التي ترجمت لرجال الكتب الستة: كالكمال وتهذيب الكمال وتهذيب التهذيب..
5ً- حكم الشيخ الألباني على أحاديث الكتاب في كتابيه: "صحيح سنن الترمذي" و"ضعيف سنن الترمذي"
ً5- كتاب: السلسبيل فيما تكلم فيه الترمذي بجرح أو تعديل/لمحمد ابن عبد الله الشنقيطي.
ً6- الموازنة بين جامع الترمذي وبين الصحيحين لـ نور الذين عتر.
ً7- كتاب عداب الحمش "دراسة عن الجامع الترمذي"
8ً- "فضائل جامع الترمذي" للحافظ الأسعردي.
مصادر البحث:
1- شروط الأئمة الستة لابن طاهر وشروط الأئمة الخمسة للحازمي. 2- الحطة في ذكر الصحاح الستة لصديق حسن خان. 3- تراث الترمذي العلمي للدكتور أكرم ضياء العمري. 4- مناهج المحدثين لسعد الحميد. 5- مقدمة تحفة الأحوذي. 6- مقدمة جامع الأصول لابن الأثير. 7- شرح علل الترمذي لابن رجب الحنبلي. 1- أن لفظة الحسن هنا على ما أراد من الحسن، والغريب عنده على درجات، فهو يريد:"الحسن لغيره" والغرابة النسبية من جهة اللفظ.