كتاب التوابين
أبو محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي
ابن قدامة
من إصدارات
موقع أم الكتاب للأبحاث والدراسات الإلكترونية
من الملائكة عليهم السلام
هاروت وماروت
أخبرنا أبو بكر عبدالله بن محمد بن أحمد بن النقور رحمه الله
أنبأ الأمين أبو طالب عبد القادر بن محمد اليوسفي أنبأ ابن المذهب أنبأ أبو بكر
القطيعي ثنا عبدالله بن أحمد ثنا أبي رحمة الله ثنا يحيى بن أبي بكير ثنا زهير بن
محمد عن موسى بن جبير عن نافع عن عبدالله بن عمر أنه سمع نبي الله صلى الله عليه
وسلم يقول « إن آدم عليه السلام لما أهبطه الله إلى الأرض قالت
الملائكة » « أي ربنا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء
ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون» البقرة « قالوا ربنا نحن أطوع لك من بني آدم قال الله تعالى للملائكة هلموا
ملكين من الملائكة حتى نهبطهما إلى الأرض فتنظروا كيف يعملان قالوا ربنا هاروت
وماروت فأهبطا إلى الأرض ومثلت لهما الزهرة امرأة من أحسن البشر فجاءتهما فسألاها
نفسها قالت لا والله حتى تتكلما بهذه الكلمة من الإشراك فقالا لا والله لا نشرك
بالله شيئا أبدا فذهبت عنهما ثم رجعت بصبي تحمله فسألاها نفسها فقالت لا والله حتى
تقتلا هذا الصبي فقالا لا والله لا نقتله أبدا فذهبت ثم رجعت بقدح خمر تحمله
فسألاها نفسها فقالت لا والله حتى تشربا هذا الخمر فشربا حتى سكرا فوقعا عليها
وقتلا الصبي فلما أفاقا قالت المرأة والله ما تركتما شيئا مما أبيتماه إلا فعلتماه
حين سكرتما فخيرا بين عذاب الدنيا والآخرة فاختارا عذاب الدنيا »
أخبرنا أبو العباس أحمد بن المبارك بن سعد أنا جدي لأمي أبو المعالي
ثابت بن بندار أنا أبو علي بن دوما أنا أبو علي الباقرحي أنا الحسن بن علويه أنا
إسماعيل أنا إسحاق بن بشر عن جويبر عن الضحاك عن مكحول عن معاذ قال « لما أن أفاقا جاءهما جبريل عليه السلام من عند الله عز وجل وهما
يبكيان فبكى معهما وقال لهما ما هذه البلية التي أجحف بكما بلاؤها وشقاؤها فبكيا
إليه فقال لهما إن ربكما يخيركما بين عذاب الدنيا وأن تكونا عنده في الآخرة في
مشيئته إن شاء عذبكما وإن شاء رحمكما وإن شئتما عذاب الآخرة فعلما أن الدنيا منقطعة
وأن الآخرة دائمة وأن الله بعباده رؤوف رحيم فاختارا عذاب الدنيا وأن يكونا في
المشيئة عند الله قال فهما ببابل فارس معلقين بين جبلين في غار تحت الأرض يعذبان كل
يوم طرفي النهار إلى الصيحة ولما رأت ذلك الملائكة خفقت بأجنحتها في البيت ثم قالوا
اللهم اغفر لولد آدم عجبا كيف يعبدون الله ويطيعونه على ما لهم من الشهوات واللذات
»
و قال الكلبي « فاستغفرت الملائكة بعد ذلك لولد آدم
» فذلك قوله سبحانه « والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون
لمن في الأرض» الشورى
وروي عن ابن عباس « أن الله
تعالى قال للملائكة انتخبوا ثلاثة من أفاضلكم فانتخبوا عزرا وعزرايل وعزويا فكانوا
إذا هبطوا إلى الأرض كانوا في حد بني آدم وطبائعهم فلما رأى ذلك عزرا وعرف الفتنة
علم أن لا طاقة له فاستغفر ربه عز وجل واستقاله فأقاله فروي أنه لم يرفع رأسه بعد
حياء من الله تعالى »