قد اختلف المؤرخون وأصحاب السير في ميلاد نبينا صلى الله عليه وسلم، ولا شك أنه صلى الله عليه وسلم ولد يوم الاثنين من شهر ربيع الأول عام الفيل،
سنة 571 من ميلاد عيسى عليه السلام.
وهل كان ذلك لليلتين خلتا من ربيع الأول، أو لثمانية أو لتسعة أو لاثنتي عشرة.... خلت منه.
وأكثر أهل السير على أنه ولد يوم الثاني عشر من ربيع الأول عام الفيل، بعد الحادثة بخمسين يوما.
قد اختلف أهل السير والتاريخ في موعد ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم اختلافا عريضا، ومن ذلك كونه ولد ليلا أو نهارا، والرواية التي اعتمد عليها السائل ذكرها السيوطي في (الخصائص الكبرى) فقال: أخرج البيهقي والطبراني وأبو نعيم وابن عساكر عن عثمان بن أبي العاص قال: حدثتني أمي أنها شهدت ولادة آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة ولدته، قالت: فما شيء أنظر إليه في البيت إلا نور! وإني لأنظر إلى النجوم تدنو حتى أني لأقول ليقعن علي، فلما وضعت خرج منها نور أضاء له البيت والدار حتى جعلت لا أرى إلا نورا.
وذكر ذلك أيضا ابن سيد الناس في (عيون الأثر) والطبري في تاريخه والماوردي في (أعلام النبوة) والبيهقي في (دلائل النبوة) وابن الجوزي في (المنتظم)، وابن كثير في (السيرة النبوية) والكلاعي في (الاكتفاء). وذكره ابن عبد البر في (الاستيعاب) وابن الأثير في (أسد الغابة) وابن حجر في (الإصابة) ثلاثتهم في ترجمة فاطمة بنت عبد الله أم عثمان بن أبي العاص الثقفي.
وفي هذا خلاف طويل، قال الصالحي في (سبل الهدى والرشاد): قال الحافظ أبو الفضل العراقي في المورد: الصواب أنه صلى الله عليه وسلم ولد في النهار، وهو الذي ذكره أهل السير، وحديث أبي قتادة مصرح به. وروى الأربعة عن سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى قال: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عند إبهار النهار. وجزم به ابن دحية، وصححه الزركشي ... قال ابن دحية: وأما ما روي من تدلي النجوم فضعيف، لاقتضائه أن الولادة كانت ليلا. وقال الزركشي: وهذا لا يصلح أن يكون تعليلا فإن زمان النبوة صالح للخوارق، ويجوز أن تسقط النجوم نهارا .
وأما الإشكال الذي ذكره السائل بخصوص شهر مولده صلى الله عليه وسلم، وكيف يكون الحمل قد حصل في أيام التشريق والولادة في ربيع الأول، فتكون مدة الحمل أربعة أشهر فقط !! فهذا لأن السائل لم يراع الخلاف الحاصل في شهر مولده صلى الله عليه وسلم، فإن من قال: الحمل كان في أيام التشريق. قال: إن الميلاد كان في شهر رمضان. وهذا قول الزبير بن بكار، ونصه: حملت به أمه في أيام التشريق في شعب أبي طالب عند الجمرة الوسطى. وولد بمكة بالدار المعروفة بدار محمد بن يوسف أخي الحجاج بن يوسف لثنتي عشرة ليلة خلت من شهر رمضان . ذكره عنه ابن عبد البر وابن كثير وابن سيد الناس. وقال السهيلي في (الروض الأنف): ذكر أن مولده كان في ربيع الأول، وهو المعروف، وقال الزبير: كان مولده في رمضان. القول موافق لقول من قال: إن أمه حملت به في أيام التشريق.
ونقل الصالحي عن الذهبي قوله في (تاريخ الإسلام): نظرت في أن يكون صلى الله عليه وسلم ولد في ربيع، وأن يكون ذلك في العشرين من نيسان، فرأيته بعيدا من الحساب، يستحيل أن يكون مولده في نيسان إلا أن يكون مولده في رمضان.
وقد قيل غير ذلك في شهر الميلاد، فقيل: في صفر. وقيل: في المحرم.
وليس لهذا الخلاف كبير فائدة، ولا يترتب عليه حكم شرعي، ولذلك لم يهتم الصحابة ومن بعدهم من الأئمة بتحرير هذه التواريخ.
قال محمد الغزالي في (فقه السيرة): لم يمكن المؤرخين تحديد اليوم والشهر والعام الذي ولد فيه على وجه الدقة ... وتحديد يوم الميلاد لا يرتبط به من الناحية الإسلامية شيء ذو بال؟ فالأحفال التي تقام لهذه المناسبة تقليد دنيوي لا صلة له بالشريعة.