إن العبد إذا وفق لتدبر آيات الله تعالى فاز بالخير العميم،
يقول ابن القيم – رحمه الله -:
"فليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده،
وأقرب إلى نجاته: من تدبر القرآن، وإطالة التأمل،
وجمع الفكر على معاني آياته؛
فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرهما.
وعلى طرقاتهما وأسبابهما وغاياتهما وثمراتهما،
ومآل أهلهما،
وتضع في يده مفاتيح كنوز السعادة والعلوم النافعة.
وتثبت قواعد الإيمان في قلبه.
وتحضره بين الأمم،
وتريه أيام الله فيهم.
وتبصره مواقع العبر.
وتشهده عدل الله وفضله.
وتعرفه ذاته، وأسماءه وصفاته وأفعاله،
وما يحبه وما يبغضه،
وصراطه الموصل إليه،
وما لسالكيه بعد الوصول والقدوم عليه،
وقواطع الطريق وآفاتها.
وتعرفه النفس وصفاتها،
ومفسدات الأعمال ومصححاتها وتعرفه طريق أهل الجنة وأهل النار وأعمالهم،
وأحوالهم وسيماهم.
ومراتب أهل السعادة وأهل الشقاوة،
وأقسام الخلق واجتماعهم فيما يجتمعون فيه.
وافتراقهم فيما يفترقون فيه.
.....
فلا تزال معانيه تنهض العبد إلى ربه بالوعد الجميل،
وتحذره وتخوفه بوعيده من العذاب الوبيل،
وتحثه على التضمر والتخفف للقاء اليوم الثقيل.
وتهديه في ظلم الآراء والمذاهب إلى سواء السبيل.
وتصده عن اقتحام طرق البدع والأضاليل،
وتبعثه على الازدياد من النعم بشكر ربه الجليل.
وتبصره بحدود الحلال والحرام،
وتوقفه عليها لئلا يتعداها فيقع في العناء الطويل.
وتثبت قلبه عن الزيغ والميل عن الحق والتحويل.
وتسهل عليه الأمور الصعاب والعقبات الشاقة غاية التسهيل.
وتناديه كلما فترت عزماته،
وونى في سيره : تقدم الركب وفاتك الدليل.
فاللحاق اللحاق،
والرحيل الرحيل.
وتحدو به وتسير أمامه سير الدليل.
وكلما خرج عليه كمين من كمائن العدو،
أو قاطع من قطاع الطريق نادته: الحذر الحذر!
فاعتصم بالله، واستعن به،
وقل: حسبي الله ونعم الوكيل.
وفي تأمل القرآن وتدبره، وتفهمه،
أضعاف ما ذكرنا من الحكم والفوائد.