نور العقل يضيء في ليل الهوى فتلوح جادة الصواب ... فيتلمح البصير في ذلك عواقب الأمور.
على العاقل أن يحذر مغبة المعاصي فإن نارها تحت الرماد.
من أعجب الأشياء أن تعرف الله ثم لا تحبه , وأن تسمع داعيه ثم تتأخر عن الإجابة , وأن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تعامل غيره , وأن تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له , وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنس بطاعته , وأن تذوق عصرة القلب في غير حديثه والحديث عنه ثم لا تشتاق إلى انشراح الصدر بذكره ومناجاته , وأن
تذوق العذاب عند تعلق القلب بغيره ولا تهرب منه إلى نعيم الإقبال عليه والإنابة إليه ... وأعجب من هذا علمك أنك لا بد لك منه وأنك أحوج شيء إليه وأنت عنه معرض وفيما يبعدك عنه راغب.
السيادة في الدنيا والسعادة في العقبى لا يوصل إليها إلا على جسر من المتاعب.
إن في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله , وعليه وحشة لا يزيلها إلا الأنس بخلوته , وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته , وفيه قلق لا يسكنه إلا الإجتماع عليه والفرار منه إليه , وفيه نيران حسرة لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك هو وحده المطلوب , وفيه فاقه لا يسدها إلا محبته ودوام ذكره والإخلاص له ولو أعطى الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبداً.
اعلم أن العبد إنما يقطع منازل السير إلى الله بقلبه وهمته لا ببدنه , والتقوى في الحقيقة تقوى القلوب لا تقوى الجوارح.
من هداية الحمار الذي هو أبلد الحيوانات .. أن الرجل يسير به ويأتي به إلى المنزل من البعد في ليلة مظلمة فيعرف المنزل فإذا خُلى جاء إليه , ويفرق بين الصوت الذي يستوقف به والصوت الذي يُحث به على السير .. فمن لم يعرف الطريق إلى منزله – هو الجنة – فهو أبلد من الحمار.
إذا كان الله ورسوله في جانب فأحذر أن تكون في الجانب الآخر , فإن ذلك يفضي إلى المشاقة والمحادة , وهذا أصلها ومنه أشتقاقها ... فإن المشاقة أن يكون في شق ومن يخالف في شق , والمحادة أن يكون في حد وهو في حد .... ولا تستسهل هذا فإن مبادئه تجر إلى غايته وقليله يدعوا إلى كثيرة .. وكن في الجانب الذي يكون فيه الله ورسوله وإن كان الناس كلهم في الجانب الآخر فإن لذلك عواقب هي أحمد العواقب وأفضلها وليس للعبد أنفع من ذلك في دنياه قبل أخرته.
أوثق غضبك بسلسلة الحلم , فإنه كالكلب : إن أفلت منك أتلف.
أفرض الجهاد جهاد النفس وجهاد الهوى وجهاد الشيطان وجهاد الدنيا .. ولا يتمكن من جهاد عدوه في الظاهر إلا من جاهد هذه الأعداء باطناً.