{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نزلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا (47) إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48) }
يقول تعالى -آمرا أهل الكتاب بالإيمان بما نزل على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم من الكتاب العظيم (2) الذي فيه تصديق الأخبار التي بأيديهم من البشارات، ومتهددا لهم أن (3) يفعلوا، بقوله: { مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا } قال بعضهم: معناه: من قبل أن نطمس وجوها. طمسها (4) هو ردها إلى الأدبار، وجعل أبصارهم من ورائهم. ويحتمل أن يكون المراد: من قبل أن نطمس وجوها فلا يبقي لها سمع ولا بصر ولا أثر، ونردها مع ذلك إلى ناحية الأدبار.
قال العوفي عن ابن عباس: { مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا } وطمسها أن تعمى { فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا } يقول: نجعل وجوههم من قبل أقفيتهم، فيمشون القهقرى، ونجعل لأحدهم عينين (5) من قفاه.
وكذا قال قتادة، وعطية العوفي. وهذا أبلغ في العقوبة والنكال، وهذا مثل ضربه الله لهم في صرفهم عن الحق وردهم إلى الباطل ورجوعهم عن المحجة البيضاء إلى سبل الضلالة يهرعون ويمشون القهقرى على أدبارهم، وهذا كما قال بعضهم في قوله: { إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالا فَهِيَ إِلَى الأذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ. وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا [وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ] (6) } [يس 8 ، 9] إن هذا مثل [سوء] (7) ضربه الله لهم في ضلالهم ومنعهم عن الهدى.
__________
(1) زيادة من أ.
(2) في أ: "العزيز".
(3) في أ: "إن لم يفعلوا".
(4) في ر: "وطمسها".
(5) في د، ر، أ: "عينان".
(6) زيادة من ر، أ، وفي هـ: "الآية".
(7) زيادة من أ.
(1) زيادة من أ.
(2) في أ: "العزيز".
(3) في أ: "إن لم يفعلوا".
(4) في ر: "وطمسها".
(5) في د، ر، أ: "عينان".
(6) زيادة من ر، أ، وفي هـ: "الآية".
(7) زيادة من أ.
قال مجاهد: { مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا } يقول:
عن صراط الحق، فنردها (1) على أدبارهم، أي: في الضلالة.
قال ابن أبي حاتم: وروي عن ابن عباس، والحسن نحو هذا.
قال السدي: { فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا } فنمنعها عن الحق، قال: نرجعها كفارا ونردهم قردة.
وقال ابن (2) زيد (3) نردهم إلى بلاد الشام من أرض الحجاز.
وقد ذكر أن كعب الأحبار أسلم حين سمع هذه الآية، قال ابن جرير:
حدثنا أبو كريب، حدثنا جابر بن نوح، عن عيسى بن المغيرة قال: تذاكرنا عند إبراهيم إسلام كعب، فقال: أسلم كعب زمان عمر، أقبل وهو يريد بيت المقدس، فمر على المدينة، فخرج إليه عمر فقال: يا كعب، أسلم، قال: ألستم تقرؤون في كتابكم (4) { مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ [ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ] (5) أَسْفَارًا } وأنا قد حملت التوراة. قال: فتركه عمر. ثم خرج حتى انتهى إلى حمص، فسمع رجلا من أهلها حزينا، وهو يقول: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نزلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا } الآية. قال (6) كعب: يا رب آمنت، يا رب، أسلمت، مخافة أن تصيبه هذه الآية، ثم رجع فأتى أهله في اليمن، ثم جاء بهم مسلمين (7) .
وقد رواه ابن أبي حاتم من وجه آخر بلفظ آخر، فقال: حدثنا أبي، حدثنا ابن نفيل، حدثنا عمرو بن واقد، عن يونس بن حلبس (8) عن أبي إدريس عائذ الله الخولاني قال: كان أبو مسلم الجليلي معلم كعب، وكان يلومه في إبطائه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فبعثه إليه ينظر أهو هو؟ قال كعب: فركبت حتى أتيت المدينة، فإذا تال يقرأ القرآن، يقول: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نزلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا } فبادرت الماء فاغتسلت وإني لأمسح وجهي مخافة أن أطمس، ثم أسلمت (9) .
وقوله: { أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ } يعني: الذين اعتدوا في سبتهم بالحيلة على الاصطياد، وقد مسخوا قردة وخنازير، وسيأتي بسط قصتهم في سورة الأعراف.
وقوله: { وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا } أي: إذا أمر بأمر، فإنه لا يخالف ولا يمانع.
ثم أخبر تعالى: أنه { لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ } أي: لا يغفر لعبد لقيه وهو مشرك به { وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ } أي: من الذنوب { لِمَنْ يَشَاءُ } أي: من عباده.
وقد وردت أحاديث متعلقة بهذه الآية الكريمة، فلنذكر منها ما تيسر:
__________
(1) في أ: "ورد".
(2) في ر، أ: "أبو".
(3) في أ: "زيد بن دهم".
(4) في أ: "كتاب".
(5) زيادة من ر، أ، وفي هـ: "إلى".
(6) في أ: "فقال".
(7) تفسير الطبري (8/ 446).
(8) في ر: "حليس"، وفي أ: "حلس".
(9) وذكره السيوطي في الدر المنثور (2/ 555) وعزاه لابن أبي حاتم.
قال ابن أبي حاتم: وروي عن ابن عباس، والحسن نحو هذا.
قال السدي: { فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا } فنمنعها عن الحق، قال: نرجعها كفارا ونردهم قردة.
وقال ابن (2) زيد (3) نردهم إلى بلاد الشام من أرض الحجاز.
وقد ذكر أن كعب الأحبار أسلم حين سمع هذه الآية، قال ابن جرير:
حدثنا أبو كريب، حدثنا جابر بن نوح، عن عيسى بن المغيرة قال: تذاكرنا عند إبراهيم إسلام كعب، فقال: أسلم كعب زمان عمر، أقبل وهو يريد بيت المقدس، فمر على المدينة، فخرج إليه عمر فقال: يا كعب، أسلم، قال: ألستم تقرؤون في كتابكم (4) { مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ [ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ] (5) أَسْفَارًا } وأنا قد حملت التوراة. قال: فتركه عمر. ثم خرج حتى انتهى إلى حمص، فسمع رجلا من أهلها حزينا، وهو يقول: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نزلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا } الآية. قال (6) كعب: يا رب آمنت، يا رب، أسلمت، مخافة أن تصيبه هذه الآية، ثم رجع فأتى أهله في اليمن، ثم جاء بهم مسلمين (7) .
وقد رواه ابن أبي حاتم من وجه آخر بلفظ آخر، فقال: حدثنا أبي، حدثنا ابن نفيل، حدثنا عمرو بن واقد، عن يونس بن حلبس (8) عن أبي إدريس عائذ الله الخولاني قال: كان أبو مسلم الجليلي معلم كعب، وكان يلومه في إبطائه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فبعثه إليه ينظر أهو هو؟ قال كعب: فركبت حتى أتيت المدينة، فإذا تال يقرأ القرآن، يقول: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نزلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا } فبادرت الماء فاغتسلت وإني لأمسح وجهي مخافة أن أطمس، ثم أسلمت (9) .
وقوله: { أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ } يعني: الذين اعتدوا في سبتهم بالحيلة على الاصطياد، وقد مسخوا قردة وخنازير، وسيأتي بسط قصتهم في سورة الأعراف.
وقوله: { وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا } أي: إذا أمر بأمر، فإنه لا يخالف ولا يمانع.
ثم أخبر تعالى: أنه { لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ } أي: لا يغفر لعبد لقيه وهو مشرك به { وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ } أي: من الذنوب { لِمَنْ يَشَاءُ } أي: من عباده.
وقد وردت أحاديث متعلقة بهذه الآية الكريمة، فلنذكر منها ما تيسر:
__________
(1) في أ: "ورد".
(2) في ر، أ: "أبو".
(3) في أ: "زيد بن دهم".
(4) في أ: "كتاب".
(5) زيادة من ر، أ، وفي هـ: "إلى".
(6) في أ: "فقال".
(7) تفسير الطبري (8/ 446).
(8) في ر: "حليس"، وفي أ: "حلس".
(9) وذكره السيوطي في الدر المنثور (2/ 555) وعزاه لابن أبي حاتم.